البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة
페이지 정보
작성자 Brittny 작성일25-01-09 09:11 조회6회 댓글0건관련링크
본문
وأمّا أعمار الدّول أيضا وإن كانت تختلف بحسب القرانات إلّا أنّ الدّولة في الغالب لا تعدو أعمار ثلاثة أجيال والجيل هو عمر شخص واحد من العمر الوسط فيكون أربعين الّذي هو انتهاء النّموّ والنّشوء إلى غايته قال تعالى «حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً 46: 15» 33 ولهذا قلنا إنّ عمر الشّخص الواحد هو عمر الجيل ويؤيّده ما ذكرناه في حكمة التّيه الّذي وقع في بني إسرائيل وأنّ المقصود بالأربعين فيه فناء الجيل الأحياء ونشأة جيل آخر لم يعهدوا الذّلّ ولا عرفوه فدلّ على اعتبار الأربعين في عمر الجيل الّذي هو عمر الشّخص الواحد وإنّما قلنا إنّ عمر الدّولة لا يعدو في الغالب ثلاثة أجيال لأنّ الجيل الأوّل لم يزالوا على خلق البداوة وخشونتها وتوحّشها من شظف العيش والبسالة والافتراس والاشتراك في المجد فلا تزال بذلك سورة العصبيّة محفوظة فيهم فحدّهم مرهف وجانبهم مرهوب والنّاس لهم مغلوبون والجيل الثّاني تحوّل حالهم بالملك والتّرفّه من البداوة إلى الحضارة ومن الشّظف إلى التّرف والخصب ومن الاشتراك في المجد إلى انفراد الواحد به وكسل الباقين عن السّعي فيه ومن عزّ الاستطالة إلى ذلّ الاستكانة فتنكسر سورة العصبيّة بعض الشّيء وتؤنس منهم المهانة والخضوع ويبقى لهم الكثير من ذلك بما أدركوا الجيل الأوّل وباشروا أحوالهم وشاهدوا اعتزازهم وسعيهم إلى المجد ومراميهم في المدافعة والحماية فلا يسعهم ترك ذلك بالكليّة وإن ذهب منه ما ذهب ويكونون على رجاء من مراجعة الأحوال الّتي كانت للجيل الأوّل أو على ظنّ من وجودها فيهم وأمّا الجيل الثّالث فينسون عهد البداوة والخشونة كأن لم تكن ويفقدون حلاوة العزّ والعصبيّة بما هم فيه من ملكة القهر ويبلغ فيهم التّرف غايته بما تبنّقوه 34 من النّعيم وغضارة العيش فيصيرون عيالا على الدّولة ومن جملة النّساء والولدان المحتاجين للمدافعة عنهم وتسقط العصبيّة بالجملة وينسون الحماية والمدافعة والمطالبة ويلبّسون على النّاس في الشّارة والزّيّ وركوب الخيل وحسن الثّقافة يموّهون بها وهم في الأكثر أجبن من النّسوان على ظهورها فإذا جاء المطالب لهم لم يقاوموا مدافعته فيحتاج صاحب الدّولة حينئذ إلى الاستظهار بسواهم من أهل النّجدة ويستكثر بالموالي ويصطنع من يغني عن الدّولة بعض الغناء حتّى يتأذّن الله بانقراضها فتذهب الدّولة بما حملت فهذه كما تراه ثلاثة أجيال فيها يكون هرم الدّولة وتخلّفها ولهذا كان انقراض الحسب في الجيل الرّابع كما مرّ في أنّ المجد والحسب إنّما هو أربعة آباء وقد أتيناك فيه ببرهان طبيعيّ كاف ظاهر مبنيّ على ما مهّدناه قبل من المقدّمات فتأمّله فلن تعدو وجه الحقّ إن كنت من أهل الإنصاف وهذه الأجيال الثّلاثة عمرها مائة وعشرون سنة على ما مرّ ولا تعدو الدّول في الغالب هذا العمر بتقريب قبله أو بعده إلّا إن عرض لها عارض آخر من فقدان المطالب فيكون الهرم حاصلا مستوليا والطّالب لم يحضرها ولو قد جاء الطّالب لما وجد مدافعا «فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ 7: اسعار شبابيك الالمنيوم 34» فهذا العمر للدّولة بمثابة عمر الشّخص من التّزيّد إلى سنّ الوقوف ثمّ إلى سنّ الرّجوع ولهذا يجري على ألسنة النّاس في المشهور أنّ عمر الدّولة مائة سنة وهذا معناه فاعتبره واتّخذ منه قانونا يصحّح لك عدد الآباء في عمود النّسب الّذي تريده من قبل معرفة السّنين الماضية إذا كنت قد استربت في عددهم وكانت السّنون الماضية منذ أوّلهم محصّلة لديك فعدّ لكلّ مائة من السّنين ثلاثة من الآباء فإن نفدت على هذا القياس مع نفود 35 عددهم فهو صحيح وإن نقصت عنه بجيل فقد غلط عددهم بزيادة واحد في عمود النّسب وإن زادت بمثله فقد سقط واحد وكذلك تأخذ عدد السّنين من عددهم إذا كان محصّلا لديك فتأمّله تجده في الغالب صحيحا «وَالله يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ 73: 20» .
وهذا لما قدّمناه من أنّ كلّ أمر تحمل عليه الكافّة فلا بدّ له من العصبيّة وفي الحديث الصّحيح كما مرّ «ما بعث الله نبيّا إلّا في منعة من قومه» وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى النّاس بخرق العوائد فما ظنّك بغيرهم أن لا تخرق له العادة في الغلب بغير عصبيّة وقد وقع هذا لابن قسيّ شيخ الصّوفية وصاحب كتاب خلع النّعلين في التّصوّف ثار بالأندلس داعيا إلى الحقّ وسمّي أصحابه بالمرابطين قبيل دعوة المهديّ فاستتبّ له الأمر قليلا لشغل لمتونة بما دهمهم من أمر الموحّدين ولم تكن هناك عصائب ولا قبائل يدفعونه عن شأنه فلم يلبث حين استولى الموحّدون على المغرب أن أذعن لهم ودخل في دعوتهم وتابعهم من معقلة بحصن أركش 7 وأمكنهم من ثغره وكان أوّل داعية لهم بالأندلس وكانت ثورته تسمّى ثورة المرابطين ومن هذا الباب أحوال الثّوّار القائمين بتغيير المنكر من العامّة والفقهاء فإنّ كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدّين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنّهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثّواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتلثلثون 8 بهم من الغوغاء والدّهماء ويعرّضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في هذا السّبيل مأزورين 9 غير مأجورين لأنّ الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وإنّما أمر به حيث تكون القدرة عليه قال صلّى الله عليه وسلّم: «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه» وأحوال الملوك والدّول راسخة قويّة لا يزحزحها ويهدم بناءها إلّا المطالبة القويّة الّتي من ورائها عصبيّة القبائل والعشائر كما قدّمناه وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيّدون من الله بالكون كلّه لو شاء، لكنّه إنّما أجرى الأمور على مستقرّ العادة والله حكيم عليم فإذا ذهب أحد من النّاس هذا المذهب وكان فيه محقّا قصّر به الانفراد عن العصبيّة فطاح في هوّة الهلاك وأمّا إن كان من المتلبّسين بذلك في طلب الرّئاسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك لأنّه أمر الله لا يتمّ إلّا برضاه وإعانته والإخلاص له والنّصيحة للمسلمين ولا يشكّ في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة وأوّل ابتداء هذه النّزعة في الملّة ببغداد حين وقعت فتنة طاهر 10 وقتل الأمين وأبطأ المأمون بخراسان عن مقدّم العراق ثمّ عهد لعليّ بن موسى الرّضى من آل الحسين فكشف بنو العبّاس عن وجه النّكير عليه وتداعوا للقيام وخلع طاعة المأمون والاستبدال منه وبويع إبراهيم بن المهديّ فوقع الهرج 11 ببغداد وانطلقت أيدي الزّعرة 12 بها من الشّطّار 13 والحربيّة 14 على أهل العافية والصّون وقطعوا السّبيل وامتلأت أيديهم من نهاب النّاس وباعوها علانية في الأسواق واستعدى 15 أهلها الحكّام فلم يعدوهم فتوافر أهل الدّين والصّلاح على منع الفسّاق وكفّ عاديتهم وقام ببغداد رجل يعرف بخالد الدّريوش ودعا النّاس إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فأجابه خلق وقاتل أهل الزّعارة فغلبهم وأطلق يده فيهم بالضّرب والتّنكيل ثمّ قام من بعده رجل آخر من سواد أهل بغداد يعرف بسهل بن سلامة الأنصاريّ ويكنى أبا حاتم وعلّق مصحفا في عنقه ودعا النّاس إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والعمل بكتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فاتّبعه النّاس كافّة من بين شريف ووضيع من بني هاشم فمن دونهم ونزل قصر طاهر واتّخذ الدّيوان وطاف ببغداد ومنع كلّ من أخاف المارّة ومنع الخفارة 16 لأولئك الشّطّار وقال له خالد الدّريوش أنا لا أعيب على السّلطان فقال له سهل لكني أقاتل كلّ من خالف الكتاب والسّنّة كائنا من كان وذلك سنة إحدى ومائتين وجهّز له إبراهيم بن المهديّ العساكر فغلبه وأسره وانحلّ أمره سريعا وذهب ونجا بنفسه ثمّ اقتدى بهذا العمل بعد كثير من الموسوسين يأخذون أنفسهم بإقامة الحقّ ولا يعرفون ما يحتاجون إليه في إقامته من العصبيّة ولا يشعرون بمغبّة أمرهم ومآل أحوالهم والّذي يحتاج إليه في أمر هؤلاء إمّا المداواة إن كانوا من أهل الجنون وإمّا التّنكيل بالقتل أو الضّرب إن أحدثوا هرجا وإمّا إذاعة السّخريّة منهم وعدّهم من جملة الصّفّاعين 17 وقد ينتسب بعضهم إلى الفاطميّ المنتظر إمّا بأنّه هو أو بأنّه داع له وليس مع ذلك على علم من أمر الفاطميّ ولا ما هو وأكثر المنتحلين لمثل هذا تجدهم موسوسين أو مجانين أو ملبّسين يطلبون بمثل هذه الدّعوة رئاسة امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التّوصّل إليها بشيء من أسبابها العاديّة فيحسبون أنّ هذا من الأسباب البالغة بهم إلى ما يؤمّلونه من ذلك ولا يحسبون ما ينالهم فيه من الهلكة فيسرع إليهم القتل بما يحدثونه من الفتنة وتسوء عاقبة مكرهم وقد كان لأوّل هذه المائة خرج بالسّوس رجل من المتصوّفة يدعى التّويذريّ عمد إلى مسجد ماسة بساحل البحر هناك وزعم أنّه الفاطميّ المنتظر تلبيسا على العامّة هنالك بما ملأ قلوبهم من الحدثان بانتظاره هنالك وأنّ من ذلك المسجد يكون أصل دعوته فتهافتت عليه طوائف من عامّة البربر تهافت الفراش ثمّ خشي رؤساؤهم اتّساع نطاق الفتنة فدسّ إليه كبير المصامدة يومئذ عمر السّكسيويّ من قتله في فراشه وكذلك خرج في غماره أيضا لأوّل هذه المائة رجل يعرف بالعبّاس وادّعى مثل هذه الدّعوة واتّبع نعيقه الأرذلون من سفهاء تلك القبائل وأعمارهم 18 وزحف إلى بادس من أمصارهم ودخلها عنوة.
وإن حصل له الاستبداد لأنّه مستتر في استبداده ذلك بالحجاب الّذي ضربه السّلطان وأوّلوه على أنفسهم عن القبيل منذ أوّل الدّولة ومغالط عنه بالنّيابة ولو تعرّض لشيء من ذلك لنفسه 72 عليه أهل العصبيّة وقبيل الملك وحاولوا الاستئثار به دونه لأنّه لم تستحكم له في ذلك صبغة تحملهم على التّسليم له والانقياد فيهلك لأوّل وهلة وقد وقع مثل هذا لعبد الرّحمن بن النّاصر بن منصور بن أبي عامر حين سما إلى مشاركة هشام وأهل بيته في لقب الخلافة ولم يقنع بما قنع به أبوه وأخوه من الاستبداد بالحلّ والعقد والمراسم المتتابعة فطلب من هشام خليفته أن يعهد له بالخلافة فنفس ذلك عليه بنو مروان وسائر قريش وبايعوا لابن عمّ الخليفة هشام محمّد بن عبد الجبّار بن النّاصر وخرجوا عليهم وكان في ذلك خراب دولة العامريّين وهلاك المؤيّد خليفتهم واستبدل منه سواه من أعياص 73 الدّولة إلى آخرها واختلّت مراسم ملكهم والله خير الوارثين. وأمّا شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يؤثّر في الرّأي والعمل واختلف في شرط خامس وهو النّسب القرشيّ فأمّا اشتراط العلم فظاهر لأنّه إنّما يكون منفّذا لأحكام الله تعالى إذا كان عالما بها وما لم يعلمها لا يصحّ تقديمه لها ولا يكفي من العلم إلّا أن يكون مجتهدا لأنّ التّقليد نقص والإمامة تستدعي الكمال في الأوصاف والأحوال وأمّا العدالة فلأنّه منصب دينيّ ينظر في سائر المناصب الّتي هي شرط فيها فكان أولى باشتراطها فيه.
فما لم يكن الحاكم الوازع أفضى ذلك إلى الهرج المؤذن بهلاك البشر وانقطاعهم مع أنّ حفظ النّوع من مقاصد الشّرع الضّروريّة وهذا المعنى بعينه هو الّذي لحظه الحكماء في وجوب النّبوءات في البشر وقد نبّهنا على فساده وأنّ إحدى مقدّماته أنّ الوازع إنّما يكون بشرع من الله تسلّم له الكافّة تسليم إيمان واعتقاد وهو غير مسلّم لأنّ الوازع قد يكون بسطوة الملك وقهر أهل الشّوكة ولو لم يكن شرع كما في أمم المجوس وغيرهم ممّن ليس له كتاب أو لم تبلغه الدّعوة أو نقول يكفي في رفع التّنازع معرفة كلّ واحد بتحريم الظّلم عليه بحكم العقل فادّعاؤهم أنّ ارتفاع التّنازع إنّما يكون بوجود الشّرع هناك ونصب الإمام هنا غير صحيح بل كما يكون بنصب الإمام يكون بوجود الرّؤساء أهل الشّوكة أو بامتناع النّاس عن التّنازع والتّظالم فلا ينهض دليلهم العقليّ المبنيّ على هذه المقدّمة فدلّ على أنّ مدرك وجوبه إنّما هو بالشّرع وهو الإجماع الّذي قدّمناه. يقال إنّ عدد بني مرين لأوّل ملكهم كان ثلاثة آلاف وإنّ بني عبد الواد كانوا ألفا إلّا أنّ الدّولة بالرّفه وكثرة التّابع كثّرت من أعدادهم وعلى هذه النّسبة في أعداد المتغلّبين لأوّل الملك يكون اتّساع الدّولة وقوّتها وأمّا طول أمدها أيضا فعلى تلك النّسبة لأنّ عمر الحادث من قوّة مزاجه ومزاج الدّول إنّما هو بالعصبيّة فإذا كانت العصبيّة قويّة كان المزاج تابعا لها وكان أمد العمر طويلا والعصبيّة إنّما هي بكثرة العدد ووفوره كما قلناه والسّبب الصّحيح في ذلك أنّ النّقص إنّما يبدو في الدّولة من الأطراف فإذا كانت ممالكها كثيرة كانت أطرافها بعيدة عن مركزها وكثيرة وكلّ نقص يقع فلا بدّ له من زمن فتكثر أزمان النّقص لكثرة الممالك واختصاص كلّ واحد منها بنقص وزمان فيكون أمدها أطول الدّول لا بنو العبّاس أهل المركز ولا بنو أميّة المستبدون بالأندلس 20 .
If you have any issues pertaining to in which and how to use ورشة المنيوم الرياض, you can make contact with us at our web site.
Warning: Use of undefined constant php - assumed 'php' (this will throw an Error in a future version of PHP) in /data/www/kacu.hbni.co.kr/dev/skin/board/basic/view.skin.php on line 152
댓글목록
등록된 댓글이 없습니다.